Abstract:
قد یظهر من المحقق الأردبیلی و محکیّ الأخباریین أنَّ تعبیر الأخبار بـ (رواة حدیثنا) یَدُل على أنَّ من کان راویاً یصحّ الرجوع الیه و إن لم یکن مجتهدا. فلم نرتض ذلک لشواهد علی خلافه، لکن استعنّا فی ذکرهنّ بکلمات الأخباریین و شُرّاح الکافی و غیره، لیتبین أنَّ اعتبار ملکة الفقاهة و صحّةَ الاجتهاد و التقلید لا ینفرد به الأُصولیون، بل هو اعتراف المُعظَم و أن إنکار الأخباریین لیس فی الحقیقة ناظراً إلی أصل ذلک، بل إلی کیفیة اجتهاد الأُصولیین الشامل لحجیة الاستصحاب و البراءة و ظواهر القرآن و نحوها.
Machine summary:
١ و قال الشيخ حسين البحراني (١٢١٦) في شرائط القاضي مازجا کلامه بکلام الفيض : «و منها (الفقه ) بأن يکون عالما بالأحکام الشرعية عن أدلتها التفصيلية لکن لا مطلقا بل (عن ) ملکة و (بصيرة) و إن کان متجزيا کما هو أکثر مقام العلماء في هذه الأعصار و هذه الشرائط ثابتة بالإجماع من الإمامية إذ (لا خلاف في شي ء من ذلک عندنا) کما نقله غير واحد من علمائنا قديما و حديثا» و شتان ما بين ذلک و بين قول من جعل کلمة الفقيه شاملة للعامي فجوز قضاءه ، و أورد عليه النراقي في المستند: ج ١٧، ص ٢٥ فقال : «يمکن أن يقال : إن أکثر تلک الأخبار و إن کان مطلقا شاملا للمقلد المذکور أيضا، إلا أن قوله في المقبولة : «انظروا إلي من کان منکم قد روي حديثنا» إلي آخره ، و في التوقيع : «فارجعوا إلي رواه أحاديثنا» مقيد بالمجتهد، إذ الظاهر المتبادر منه : الراوي للحديث ، المستنبط المستخرج منه الأحکام علي الطريق الذي ارتضاه الشارع و أمر به ، لا مطلقا.
و بالجملة فمجرد إدراک عصر الحضور غير کاف قطعا في حصول الفقاهة ، کما حققوه عند إثبات وجود التقليد في عصر الحضور فراجع ، و کذلک إدراکه منضم̒ا الي الاشتغال بالرواية ، فإن کفايته في حصول الفقاهة محل تأمل أو منع ، فلا بد في مثل التوقيع المبارک مما اکتفي فيه بذکر الرواية عن الفقاهة من التزام قرينة خارجية أو أن يقال : أن التعبير بالرواية لم يکن للإشارة الي الفقاهة و لو بالقرينة ، و انما عبر بها لنکتة اخري بعد الفراغ عن اشتراط الفقاهة ، و تلک النکتة : لماذا اکتفي في بعض النصوص بالرواية عن التصريح بالفقاهة ؟ لعلها الإشارة الي أن التفقه يجب أن يکون عن رواية و لو بالأخرة، لا عن قياس و استحسان ، و هذا الغرض في المقبولة أجلي منه في التوقيع المبارک؛ و روي عن حريز، قال : «دخلت علي أبي حنيفة و عنده کتب کادت تحول فيما بيننا و بينه ، فقال لي : هذه الکتب کلها في الطلاق و أنتم !