Abstract:
من آراء المیرزا النائینیّ قدّس سرّه الأصولیّة فی بحث التزاحم أنّه کلّما توقّف واجب على مقدّمة محرّمة ارتفع الوجوب ولزم اجتناب المقدّمة ولا تصل النوبة إلى التخییر بلا فرق بین المقدّمة السابقة زماناً على الواجب والمقدّمة المقارنة له خلافاً لما هو المعروف من جریان التخییر فی موارد التزاحم بین التکلیفین فی مقام الامتثال مع تساویهما.ولا یخفى أهمّیّة البحث حول هذا الرأی باعتبار أن مسألة توقّف الواجب على المقدّمة المحرّمة من المسائل المبتلى بها ولها تطبیقات کثیرة ذکرها فقهاؤنا فی الأبواب الفقهیّة المختلفة من الطهارة إلى الدیات. نحاول فی هذا المقال تبیین هذا الرأی وسیتّضح تمامیّته بدلیل أنّ حرمة المقدّمة تکون معجّزةً مولویّةً عن الواجب فیصبح الواجب ممتنعاً شرعاً والممتنع شرعاً کالممتنع عقلاً فی استحالة التکلیف به فلا وجوب لذی المقدّمة لیزاحم الحرام. ومنهجنا فی البحث هو المنهج المتعارف فی البحوث العلمیّة الحوزویّة وهو بیان أصل الموضوع ثمّ الإشارة إلى آراء الأعلام ومنها رأی المیرزا (قدّس سرّه) ثمّ تبیین رأیه من خلال تقریرات بحثه وکلمات تلامذته وعرض أدلّتها ومناقشاتها وبالأخیر بیان ما هو الحقّ فی المسألة. وحسب تتبّعی لم أجد من بحث هذا الموضوع وهذا الرأی بشکل مستقلّ - غیر ما ورد فی تقریرات بحث المیرزا (قدّس سرّه) وتقریرات أبحاث بعض تلامذته - فهذا أوّل مقال یتناول جوانب هذا البحث.
Machine summary:
ثم مناشئ التزاحم في القسم الغالب منه - وهو ما إذا کان لقصور قدرة المکلف من الجمع - عدة أمور ذکرها الميرزا ولکن الذي هو محل الکلام توقف واجب علي مقدمة محرمة فأشار إليه بقوله : «الرابع : ما إذا کان الحرام مقد̒مة لواجب فيما إذا لم يکن التوقف دائم̒يا وإلا فيقع 10 التعارض بين الدليلين لا محالة » (النائيني ، ١٣٦٨، ج ١، ص ٢٨٥) ووجه التقييد بما إذا لم يکن التوقف دائم̒يا ما تقدم من أن التزاحم تنافي الحکمين في مقام الامتثال والتعارض تنافيها في مقام الجعل والتشريع ، ودائمية توقف الواجب علي الحرام توجب امتناع جعل الحکمين وتشريعهما ثبوتا فيخرج عن باب التزاحم ويدخل في باب التعارض .
12 هذا هو المعروف في تزاحم المتساويين والذي صرح به السيد الخوئي في خصوص المسألة - وهي التزاحم بين الواجب ومقدمته المحرمة - في ذيل بعض الفروع الفقهية مثلا: قال في ذيل الفرع المذکور في المکاسب للشيخ الأعظم وهو: توقف الأمر بالمعروف والنهي عن المنکر علي الولاية من قبل الجائر: «المقام من قبيل توقف الواجب علي مقدمة محرمة وعليه فيقع التزاحم بين الحرمة المتعلقة بالمقدمة وبين الوجوب المتعلق بذي المقدمة نظير الدخول إلي الأرض المغصوبة لإنقاذ الغريق أو إنجاء الحريق ويرجع إلي قواعد باب التزاحم المقررة في محله .
وأما إن لم يکن في البين أهمية ومهمية فالسابق امتثاله هو المقدم ولا تصل النوبة إلي التخيير سواء کان من قبيل المقدمة وذيها أو کان من قبيل القيام في الرکعة الأولي والثانية وسواء تنجز التکليف بالمتأخر کمثال القيام أو لا کما إذا کان المتأخر مشروطا بشرط لم يحصل بعد فإنه علي جميع التقادير يقدم ما هو الأقدم امتثالا إلا إذا کان المتأخر أهم کما إذا دار الأمر بين القيام حال الفاتحة أو القيام قبل الرکوع حيث إن الثاني أهم للرکنية فإن أهمية المتأخر يوجب التعجيز المولوي عن المتقدم لمکان أنه يتولد من أهمية خطاب : احفظ قدرتک، فيکون عاجزا شرعا عن المتقدم .